يعتبر الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي السبت في احد مستشفيات تكساس في الولايات المتحدة احد اهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. كذلك، يعتبر شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة، وبين ابرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن.
ويبلغ درويش السادسة والستين من العمر، ولد في فلسطين في قرية البروة في الجليل الغربي العام 1942 ودمرت قريته العام 1948 واقيمت مكانها قرية زراعية يهودية باسم "احي هود"، هاجر مع اسرته نحو مخيمات اللجوء في المدن الفلسطينية وبقي مقيما بشكل متنقل بين رام الله وعواصم عربية وعالمية بينها بيروت والقاهرة وباريس ولندن.
بعد إنهاء تعليمه الثانوي، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في صحافة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مثل "الإتحاد" و"الجديد" التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر . حيث كان عضوا في الحزب الشيوعي الاسرائيلي.
وارتبط اسمه بشعر الثورة والوطن حيث يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. و درويش قام بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم إعلانه في الجزائر.
ولم يسلم من مضايقات الشرطة، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية أكثر من مرّة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاق أوسلو.
شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل، وأقام في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه ، وقد سمح له بذلك.
وتسبب اقتراح سياسيين يساريين اسرائيليين بادخال قصائد درويش في المنهج الدراسي الاسرائيلي بجدل حاد في اسرائيل.
اعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية اصدار طابع بريدي يحمل صورة درويش ملقيا احدى قصائده، وذلك تقديرا لمكانته ودوره الكبير في احياء القضية الفلسطينية في مختلف انحاء العالم، مشددة على انه "ارسى لتجربته الابداعية وضعا خاصا في المشهد الشعري العربي والعالمي".
تحولت قصيدته الشهيرة "بطاقة هوية" التي يخاطب فيها شرطيا اسرائيليا صرخة تحد جماعية للاحتلال الاسرائيلي. يقول فيها "سجل انا عربي ورقم بطاقتي 50 الفا" ما ادى الى اعتقاله العام 1967.
قال درويش "في الخمسينات (من القرن العشرين) آمنا نحن العرب بامكانية ان يكون الشعر سلاحا وان على القصيدة ان تكون واضحة مباشرة. على الشعر الاهتمام بالاجتماعي، ولكن علية الاعتناء بنفسه ايضا، بالجماليات. آمنت ان افضل شيء في الحياة ان اكون شاعرا، الان اعرف عذابه، في كل مرة انهي فيها ديوانا اشعر انه الاول والاخير".
كان الاول في موجة من الشعراء الذين كتبوا من داخل اسرائيل عندما كانت رئيسة الحكومة الاسرائيلية في تلك الفترة غولدا مائير تقول علنا "لا يوجد فلسطينيين".وصف الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين بأنه "صراع بين ذاكرتين". وتتحدى قصائده المعتقد الصهيوني القائل عن فلسطين "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض”.
وخضع درويش لعملية جراحية مماثلة لكنه عاد منها بصحة جيدة وكتب تجربة المرض والعملية الجراحية ووقوفه على تخوم الموت في قصيدة طويلة حملت اسم جدراية عام 2001.
ومن أشهر كتب درويش، أحد عشر كوكبا ولماذا تركت الحصان وحيدا وسرير الغريبة وحالة حصار وجدراية ومديح الظل العالي.