الولادة والنشأة
سنة 1960، وفي قرية كوير شمال غرب مدينة رام الله، ولد مروان البرغوثي في أسرة كبيرة العدد. تميزت أسرته باحتضانها للفكر الشيوعي وانضمام الكثير من أفرادها إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني. وكانت مسألة طبيعية أن يعتنق مروان الفكر الماركسي اللينيني منذ بداية شبابه. غير أن تحولا كبيرا حدث في حياته أثناء تجربة السجن الإسرائيلي الذي دخله وعمره لم يتجاوز 19 سنة. فالشاب اقتنع بضرورة الانضمام إلى حركة "فتح" والانسحاب من الحزب الشيوعي. هل غير مروان قناعاته السياسية والأيديولوجية كلية؟ ولماذا لصالح "فتح" خاصة وأن هذه الحركة هي في الأصل حركة تحرر وطني أكثر منها حزبا يحمل أفكارا في المجتمع والاقتصاد؟ أسئلة كثيرة قد تطرح ولا أحد يمكنه الإجابة عليها إجابة كافية وشاملة غير المعني بالأمر، أي مروان البرغوثي نفسه. لكن من الممكن تصور أن البرغوثي قد فهم أن أفكار الحزب الشيوعي ستصبح، لصعوبتها وتعارضها مع الهوية القومية والدينية للشعب الفلسطينيي، حائلا بينه وبين الجماهير فاختار التنظيم الأكبر والأشمل رغم التناقض الفكري والأيديولوجي للتيارات التي تتعايش فيه. كما أن برنامج حركة "فتح" هو أكثر البرامج الفلسطينية واقعية وإمكانية للتحقيق على الأرض. وبما أن البرغوثي يعتبر نفسه رجل ميدان أكثر منه رجل تنظير..فقد حدث الانقلاب الكبير الذي سيغير مجرى حياته. ذلك أنه سيصبح منذ سنوات قليلة مضت أكبر رموز وقادة حركة "فتح" المرشحين حتى لخلافة أبي عمار.
النشاط السياسي والكفاح المسلح
تخرج مروان البرغوثي من جامعة بيرزيت. وكان أحد إطارات حركة "فتح" المشهود لهم بالنشاط والانضباط الخلقي والتنظيمي.
سجنته إسرائيل لمدة ست سنوات، استغلها في تعلم اللغة العبرية قراءة وكتابة وحديثا. غادر فلسطين نحو الأردن سنة 1987 ليعيش مؤقتا في منفاه الاختياري الجديد. وعمل هناك على دعم حركة "فتح" بالكوادر الشابة وتنظيمها حتى تحين ساعة المقاومة. ولم تلبث السلطات الأردنية أن أعلنت انزعاجها من كثرة نشاطاته وطلبت منه العودة إلى الضفة الغربية لكنه انتقل إلى تونس. لقد انتبه القيادي الفلسطيني الراحل أبو إياد إلى الطاقة التنظيمية الكامنة في الشاب مروان البرغوثي. وسرعان ما أعجب به فتبناه وساعده على الوصول إلى المراتب القيادية في "فتح" ووافق عرفات على صعوده بل تبناه بدوره.
وفي سنة 1988، أصبح البرغوثي عضوا في المجلس الثوري لحركة "فتح" وعاد إلى الضفة سنة 1994 مع بقية القادة الفلسطينيين على إثر اتفاقيات أوسلو ليتم انتخابه أمينا لسر الحركة في الضفة الغربية ثم عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني سنة 1996. لقد نجح البرغوثي في الفوز في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، لكنه في المقابل فشل في الحصول على ما يلزم من أصوات ليشغل منصب الأمين العام لحركة "فتح". \
معرفة الداخل
لقد كان من القادة القليلين الذين يعرفون الداخل الفلسطيني وتركيبة مشهده السياسي والنضالي. فهو تعامل عن قرب مع المناضلين والكوادر المحليين الذين بقوا في فلسطين. كما أدرك طبيعة الاحتلال الإسرائيلي وإمكانياته ومناوراته. أما البقية فكانوا غرباء عن المشهد الداخلي للضفة الغربية وقطاع غزة. بل كثير منهم لم يولد أصلا في فلسطين ولم يرها في حياته إلا سنة 1994. لقد وصفه ضابط إسرائيلي قائلا "البرغوثي ليس بمنظر أيديولوجي. فشرعيته أخذها من معرفته العميقة بالجيل الفلسطيني الذي ولد بعد حرب 1967".
ورغم أن البرغوثي لم يشهد اندلاع الانتفاضة الأولى، فهو قد هيأ نفسه كما هيأ رفاقه للعمل بأقصى نشاط في الانتفاضة الثانية التي اندلعت منذ شهر أيلول (سبتمبر) 2000 على إثر الزيارة الاستفزازية لشارون إلى حرم المسجد الأقصى.
أما أخطر عمل قام به منذ بداية حياته السياسية والنضالية فتمثل قي تأسيسه لكتائب شهداء الأقصى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2001. وحسب بعض المصادر الإسرائيلية، فإن هذا التنظيم قام مع الفرقة 17 (الحرس الخاص بالرئيس الفلسطيني) بالقيام ب50 بالمائة من العمليات الفدائية.