رَبَّـاهُ فُـكَّ قُيُـودَ القُـدْسِ رَبَّــاهُ
فَالقَلْبُ يَنْـزِفُ شَوْقـاً فـي حَنَايَـاهُ
مَا عَادَ نُورُ الضُّحَى في الكَوْنِ مُنْتَشِرَا
بَيْنَ الزُّهُـورِ وَقَـدْ حَلَّـتْ بِنَـا الآهُ
يَا قُدْسُ أبْكِي عَلَيْكِ اليَـوْمَ وَا أَسَفَـى
عَلَـى شَهِيـدٍ مَضَـى واللَّحْـدُ وَارَاهُ
أَبْكِي عَلَيْكِ وَهَذِي العَيْنُ مَـا دَمَعَـتْ
إلا عَلَـى غَائِـبٍ قَلْـبِـي تَمَـنَّـاهُ
أَبْكِي عَلَيْكِ وَسَـالَ الدَّمْـعُ مُنْهَمِـراً
فَوْقَ الرِّمَـالِ وَنَبْـتُ الحُـزْنِ لَبَّـاهُ
أَبْكِي عَلَيْكِ بُكَاءَ الطِّفْلِ حِيـنَ يَـرَى
مَـرَارَةَ اليُتْـمِ بَـعْـدَ الأُمِّ تَغْـشَـاهُ
قَـدْ كَانَـتْ الأُمُّ دَوْمـاً كُـلَّ غَايَتِـهِ
قَدْ كَانَتِ الأُمُّ فِـي الغَـارَاتِ مَـأْوَاهُ
يَلْجَا إِلَيْهَـا إِذَا مَـا الخَطْـبُ أَرَّقَـهُ
كَجَنَّـةِ الخُلْـدِ يَرْضَاهَـا وَتَرْضَـاهُ
وَمَاتَـتْ الأُمُّ فَانْهَـالَـتْ مَدَامِـعُـهُ
وَالنَّارُ أَضْحَتْ لَـهُ بِالرَّغْـمِ مَثْـوَاهُ
يَا قُدْسُ إِنِّي كَهَذَا الطِّفْـلِ فَانْتَظِـرِي
وَلا تَمُـوتِـي فَــإِنَّ القَـلْـبَ أَوَّاهُ
يَا قُدْسَ قَلْبِـي وَيَـا أَحْـلامَ قَافِيَتِـي
الشِّعْرُ سَـالَ عَلَـى خَـدِّي فَأَدْمَـاهُ
وَالحُزْنُ قَامَ مِنَ المِحْـرَابِ عَانَقَنِـي
وَضَمَّنِي قُلْـتُ: مَـنْ يَأْتِيـكِ قُدْسَـاهُ
قُدْسَاهُ عُودِي.. أَعِيدِي العُرْبَ صَاعِقَةً
وَاسْتَرْجِعِي- أُمَّنَا - مَا قَـدْ سُلِبْنَـاهُ
هَيَّـا أَعِيـدِي لَنَـا مَجْـداً وَمَمْلَكَـةً
كُنَّـا نَسُـودُ الـوَرَى عِـزّاً مَلَكْنَـاهُ
وَاليَوْمَ هِرُّ الـوَرَى كَالأُسْـدِ يَنْهَشُنَـا
فَلْنَبْكِ دَهْـراً عَلَـى مُلْـكٍ أَضَعْنَـاهُ
رِجْـسُ اليَهُـودِ بَأَقْصَانَـا وَمَقْدِسِنَـا
ذُلٌّ وَعَـارٌ مِـنَ الأَوْغَـادِ نِلْـنَـاهُ
فَهَلْ سَعَيْنَـا بِجِـدٍّ نَحْـوَ نُصْرَتِـهِ؟
وَهَلْ مَرِيرُ الأَسَـى قُمْنَـا مَحَوْنَـاهُ؟
وَهَلْ شَهَرْنَا سُيُوفَ الحَقِّ فَانْتَصَرَتْ؟
وَهَلْ طَرِيقُ الهُـدْى يَوْمـاً سَلَكْنَـاهُ؟
يَا عُرْبُ قُومُـوا فَقُـدسُ اللهِ تَأْمُلُكُـمْ
أُسْداً وَجَيْشاً جَمِيـعُ النَّـاسِ تَخْشَـاهُ
"صِدِّيقُ".. أَنْتَ الَّذِي صَدَّقْتَ قُدْوَتَنَـا
"خَطَّابُ".. أَنْتَ الَّذِي قَدْ نِلْتَ دَعْـوَاهُ
"عُثْمَانُ".. أَنْتَ الَّذِي أَعْلَيْـتَ رَايَتَنْـا
"عَلِيُّ".. أَنْتَ الَّذِي مَا غَـرَّكَ الجَـاهُ
أَصْحَابَ طَـهَ وَيَـا أَزْهَـارَ أُمَّتِنَـا
كُنْتُـمْ لأَحْـمَـدَ يُمْـنَـاهُ وَيُـسْـرَاهُ
مُـدُّوا إِلَيْنَـا يَـداً لِلْقُـدْسِ تُنْقِـذُهَـا
مِمَّـا رَأَتْـهُ وَمِمَّـا قَــدْ رَأَيْـنَـاهُ
فَالْقُدْسُ أَضْحَتْ يَدَاً فِي أَلْفِ سِلْسِلَـةٍ
تَبْكِـي عَلَـى حَالِهَـا مِمَّـا جَنَيْنَـاهُ
يَا قُدْسُ عُذْراً.. صَلاحُ الدِّينِ فَارَقَنَـا
وَالجُنْدُ في سَاحَةِ المَيْدَانِ قَـدْ تَاهُـوا
أَبْكِي وَدَمْعِي حَبِيسٌ.. لَمْ يَسِلْ خَجَـلاً
فَشَقَّ قَلْبِـي فَصَـارَ القَلْـبُ مَجْـرَاهُ
يَـا قُدْسَنَـا إِنَّنِـي آتٍ إِلَيْـكِ غَـداً
أَبْغِـي عَـدُوِّي فَيَلْقَـانِـي وَأَلْـقَـاهُ
بِسَيْفِ "بَدْرٍ".. وَبَيْـنَ الكُفْـرِ أُطْلِقُـهُ
مِثْلَ "البُرَاقِ" وَفي الأَحْشَـاءِ مَسْـرَاهُ
حَتَّـى يَعُـودَ سَـلامُ اللهِ يَرْسُمُـنَـا
زَهْراً وَرَبُّ الوَرَى بِالنَّصْـرِ يَرْعَـاهُ
فَلْتَصْبِري قُدْسَنَـا وَلْتَزْرَعِـي أَمَـلاً
وَاسْتَهْزِئِـي بِالَّـذِي لاكَتْـهُ أَفْــوَاهُ
فَنَحْـنُ جُنْـدٌ.. رَسُـولُ اللهِ قَائِدُنَـا
وَالذِّكْـرُ دُسْتُورُنَـا دَوْمـاً عَرَفْنَـاهُ
شَعْبٌ.. أَتَانَا رَسُـولُ اللهِ قَـالَ لَنَـا:
"إِنِّي بَشِيـرٌ.. أَطِيعُونِـي"، أَطَعْنَـاهُ
وَهُـمْ يَهُـودٌ غَـدَا إِبْلِيـسُ قَائِدُهُـمْ
وَالحِقْـدُ فِيهِـمْ قَدِيمـاً قَـدْ لَمَسْنَـاهُ
شَعْبٌ إِذَا رُمْتَ مَدْحاً قُلْـتَ: شِرْذِمَـةٌ
وَإِنْ أَرَدْتَ هِجَـاءً لَـسْـتَ تَلْـقَـاهُ
فَكَيْفَ يُنْصَـرُ شَعْـبٌ لا إلـهَ لَـهُ؟!
وَكَيْفَ يُهْـزَمُ شَعْـبٌ.. رَبُّـهُ اللهُ؟!