ولد ياسر عرفات في القاهرة في 4 آب من عام 1929، وهو الابن السادس لأب كان يعمل في التجارة، وهاجر إلى القاهرة عام 1927 وعاش في حي السكاكيني، وعندما توفيت والدته وهو في الرابعة من عمره أرسله والده إلى القدس، وهناك بدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936، ورغم أنه اشتهر باسم ياسر عرفات، فإن اسمه الحقيقي هو محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف القدوة.
في عام 1937 عاد مرة أخرى إلى القاهرة ليعيش مع عائلته، ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليا) حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية وتخرج منها عام 1951، وعمل بعدها في إحدى الشركات المصرية، وخلال فترة دراسته كون رابطة الخريجين الفلسطينيين التي كانت محط اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام المصرية آنذاك، واشترك إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي عام 1956.
ويحيط الغموض ببعض تفاصيل حقبة شباب ياسر عرفات، وذلك بسبب ولعه المبكر بالتحلي بصفات الزعامة، واتخذ اسم "ياسر" وكنية "أبو عمار"، أثناء دراسته في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، إحياءً لذكرى مناضل فلسطيني استشهد وهو يكافح ضد الانتداب البريطاني؛ وظهرت مواهبه منذ سنوات شبابه المبكر كناشط وزعيم سياسي.
ياسر عرفات وحركة فتح
سافر ياسر عرفات إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندساً، وهناك كوّن هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد) وعبدالله الدنان ومحمود سويد وعادل عبدالكريم عام 1965 خلية ثورية أطلق عليها اسم (فتح) وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم (فلسطيننا)، وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطاً دبلوماسيًا، يُذكر أن عدداً كبيرًا من الإخوان المسلمين الفلسطينيين كانوا من أوائل المشاركين في تنظيم فتح ومنهم خليل الوزير أبو جهاد لكن معظمهم انفضّ عن الحركة لمّا دخل فيها عناصر شيوعية ويسارية.
يُذكر أن خليل الوزير ( أبو جهاد ) كان في غزة قبل العدوان الثلاثي، وكان منذ 1954، يفكر بعمل عسكري عندما كان قائداً لجناح عسكري في " الإخوان المسلمين " وقام بتنفيذ عمل عسكري اعتقل على أثره محمد العابد ومحمد الإفرنجي وتمكن أبو جهاد من مغادرة القطاع.
وكان عرفات قد اكتسب أثناء خدمته بالجيش المصري خبرة في العمليات العسكرية واستخدام المتفجرات أهلته لقيادة الجناح العسكري لحركة فتح الذي عرف باسم "العاصفة" وبدأ عملياته عام 1965، وبعد حرب عام 1967 التي ألحقت فيها قوات الاحتلال الصهيوني الهزيمة بالجيوش العربية، واحتلت القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.
سطع نجم حركة فتح كونها حركة تحرير وطني تعتمد الكفاح المسلح كسبيل لتحرير الأرض المحتلة وإعادة الحقوق المغتصبة، وبرز اسم ياسر عرفات كزعيم فلسطيني عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال الصهيوني عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية.